السبت، 22 ديسمبر 2012

البدعة الحسنة


البدعة الحسنة
قال المخالف: (إِبْن تَيْمِيَة الصُوفِي القَادِري يُقِرُّ بِالبِدْعَة الحَسَنةْ)
ثم نقل من كلامه من منهاج السنة: " قيل لهم: فمن أين لكم أن عثمان فعل هذا بغير دليل شرعي وإن عليا قاتل أهل القبلة بدليل شرعي؟ وأيضا فإن علي بن أبي طالب t أحدث في خلافته العيد الثاني بالجامع؟ فإن السنة المعروفة على عهد رسول الله r وأبي بكر وعمر وعثمان، أنه لا يصلي في المصر إلا جمعة واحدة، ولا يصلى يوم النحر والفطر إلا عيد واحد، والجمعة كانوا يصلونها في المسجد والعيد يصلونه بالصحراء، وكان النبي r يخطب يوم الجمعة وعرفة قبل الصلاة وفي العيد بعد الصلاة، واختلف عنه في الاستسقاء فلما كان على عهد علي قيل له إن بالبلد ضعفاء لا يستطيعون…".[1]
رد الشبهة
قال مقيده عفا الله عنه: ليس في كلامه ما يؤيد ما ذهب إليه المخالف من دعوى إقرار ابن تيمية بالبدعة الحسنة، وليس هنا بدعة حسنة أو سيئة، بل هو اجتهاد خليفة نص النبي r على اتباع سنته، وهو لم يبتدع في الدين وإنما كانت صلاة العيد في الصحراء، وكان هو إماما المسلمين، وكما قال ابن تيمية:
"فلما كان على عهد علي قيل له إن بالبلد ضعفاء لا يستطيعون الخروج إلى المصلى، فاستخلف عليهم رجلا صلى بالناس بالمسجد، قيل إنه صلى ركعتين بتكبير وقيل بل صلى أربعا بلا تكبير".[2]
فهذا ليس فيه ابتداع، بل كل ما هنالك أنه أَذِن لعجزة الناس بأداء صلاة العيد في جامعهم القريب منهم رحمة بهم، حتى لا يتكلفوا المشاق للخروج للصحراء وقد أصاب t فله في ذلك أجران.
ولو ألزمنا المسلمين اليوم بصلاة العيد في الصحراء لشق عليهم ذلك، ولا يخفى أنه يخرج لها النساء العواتق وذوات الخدور والحيض منهن كما في البخاري وغيره.
فكان هذا إجتهادا موفقا من الخليفة الرابع المنصوص من النبي r على إتباعه، فلم يبتدع t في أصل العبادة، وهذا الإجتهاد هو ما قصده ابن تيمية بقوله : (أحدث في خلافته العيد الثاني بالجامع)، وذلك حتى لا يحرم العجزة فضيلة صلاة العيد المشروعة لمشقة المكان.
والصلاة في الجامع أمر أوجبه الشارع وحث عليه، وهو بخلاف الإحداث الموجود عند الطرقية، كالعكوف عند القبور والأضرحة وبناء المساجد عليها، وما يحصل حولها من أمور ومخالفات لأبسط قواعد الشريعة، والأذكار المخترعة من قبل أرباب الطرق التي تلقن للمريدين.
البدعة الحسنة في نظر ابن تيمية
قال ابن تيمية: "وكل بدعة ليست واجبة ولا مستحبة، فهى بدعة سيئة وهى ضلالة باتفاق المسلمين، ومن قال فى بعض البدع إنها بدعة حسنة فإنما ذلك إذا قام دليل شرعى أنها مستحبة، فأما ما ليس بمستحب ولا واجب فلا يقول أحد من المسلمين أنها من الحسنات التى يتقرب بها الى الله".[3]
 وقال أيضا: "ومعلوم أن كلما لم يسنه ولا إستحبه رسول الله r ولا أحد من هؤلاء الذين يقتدى بهم المسلمون فى دينهم فإنه يكون من البدع المنكرات ولا يقول أحد فى مثل هذا إنه بدعة حسنة إذا.
البدعة الحسنة: عند من يقسم البدع إلى حسنة وسيئة لابد أن يستحبها أحد من أهل العلم الذين يقتدى بهم، ويقوم دليل شرعى على إستحبابها، وكذلك من يقول: البدعة الشرعية كلها مذمومة لقوله r فى الحديث الصحيح (كل بدعة ضلالة)، ويقول قول عمر فى التراويح: (نعمت البدعة هذه)، إنما أسماها بدعة بإعتبار وضع اللغة، فالبدعة فى الشرع عند هؤلاء: ما لم يقم دليل شرعى على إستحبابه ومآل القولين واحد، إذ هم متفقون على أن مالم يستحب أو يجب من الشرع فليس بواجب ولا مستحب، فمن إتخذ عملا من الأعمال عبادة ودينا وليس ذلك فى الشريعة واجبا ولا مستحبا فهو ضال بإتفاق المسلمين".[4]







[1]) منهاج السنة (6/291).
[2]) المصدر السابق (6/291).
[3]) مجموع الفتاوى (1/162).
[4]) المصدر السابق (27/152).