السبت، 22 ديسمبر 2012

السكر الصوفي


السكر الصوفي
قال المخالف: (السُكر يقع من الصوفي لكن!! سُكر من نوع خاص يسقط معه التمييز و تبقى حلاوة الإيمان، يصدر مع هذا النوع من السُكر العجيب أقوال مخالفة للشرع و محرمة .. أنصب خيمتي على جهنم. و لكن لا جناح عليهم في ذلك).
ثم ساق من كلام ابن تيمية ما نصه: "وفى مثل هذا المقام يقع السكر الذي يسقط التمييز، مع وجود حلاوة الإيمان كما يحصل بسكر الخمر وسكر عشيق الصور، وكذلك قد يحصل الفناء بحال خوف أو رجاء، كما يحصل بحال حُبِّ فيغيب القلب عن شهود بعض الحقائق، ويصدر منه قول أو عمل من جنس أمور السكارى، وهي شطحات بعض المشائخ كقول بعضهم: "أنصب خيمتى على جهنم"، ونحو ذلك من الأقوال والأعمال المخالفة للشرع، وقد يكون صاحبها غير مأثوم، وإن لم يكن فيشبه هذا الباب أمر خفراء العدو، ومن يعين كافرا أو ظالما بحال ويزعم أنه مغلوب عليه، ويحكم على هؤلاء أن أحدهم إذا زال عقله بسبب غير محرم، فلا جناح عليهم فيما يصدر عنهم من الأقوال والأفعال المحرمة، بخلاف ما إذا كان سبب زوال العقل والغلبة أمرا محرما".[1]
 رد الشبهة
يثبت المشارك النور تعالمه هنا، حيث أخذ من كلام ابن تيمية ما وافق هواه وترك ما سواه، على الرغم أنه كان مدحا في معرض الذم كما سيأتي سياق كلام ابن تيمية السابق لما ذكره المخالف، ولكنها لا تعمى الأبصار إلا أنها عميت عنده، وأذكره هنا لتوضيح ما أشكل على المخالف، قال ابن تيمية رحمه الله:
"فناء القلب عن شهود ما سوى الرب، فذاك فناء عن الإرادة، وهذا فناء عن الشهادة، ذاك فناء عن عبادة الغير والتوكل عليه، وهذا فناء عن العلم بالغير والنظر إليه فهذا الفناء فيه نقص، فإن شهود الحقائق على ما هي عليه وهو شهود الرب مدبرا العباده آمرا بشرائعه، أكمل من شهود وجوده أو صفة من صفاته أو إسم من أسمائه، والفناء بذلك عن شهود ما سوى ذلك، ولهذا كان الصحابة أكمل شهودا من أن ينقصهم شهود للحق مجملا عن شهوده مفصلا، ولكن عرض كثير من هذا لكثير من المتاخرين من هذه الأمة..".[2] وفيه ذكر ابن تيمية ما نقله المخالف آنفا..وبين أنه يقع منهم مخالفة للشرع المطهر، وذكر أنهم عقلاء المجانين وهم المرفوع عنهم القلم لسقوط الجناح والتكاليف عنهم، ولهذا قال ابن تيمية عنهم :
"وكما أنه لاجناح عليهم فلا يجوز الإقتداء بهم، ولا حمل كلامهم وفعالهم على الصحة، بل هم في الخاصة مثل الغافل والمجنون فى التكاليف".[3]
فهذا مدح فيه ذم، ثم عقب ابن تيمية كلامه بقوله:
"ولهذا اتفق العارفون على أن حال البقاء افضل من ذلك، وهو شهود الحقائق باشهاد الحق كما قال الله تعالى فيما روى عنه رسوله (ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا أحببته..).. إلى أن قال: وعامة ما تجد فى كتب أصحاء الصوفية مثل شيخ الإسلام ومن قبله من الفناء هو هذا، مع أنه قد يغلط بعضهم فى بعض أحكامه كما تكلمت عليه في غير هذا الموضع . وفى الجملة فهذا الفناء صحيح وهو فى عيسوية المحمدية، وهو شبيه بالصعق والصياح الذي حدث فى التابعين، ولهذا يقع كثير من هؤلاء فى نوع ضلال، لأن الفناء عن شهود الحقائق مرجعه إلى عدم العلم والشهود، وهو وصف نقص لا وصف كمال، وإنما يمدح من جهة عدم إرادة ما سواه لأن ذكر المخلوق قد يدعو إلى إرادته والفتنة به".[4]



[1]) مجموع الفتاوى (10/339).
[2]) مجموع الفتاوى (10/338).
[3]) مجموع الفتاوى (10/340).
[4]) مجموع الفتاوى (10/341).
>
[1]) مجموع الفتاوى (2/369).
[2]) مجموع الفتاوى (2/314).
[3]) مجموع الفتاوى (2/370).
[4]) مجموع الفتاوى (2/313).