السبت، 22 ديسمبر 2012

ابن عبدالهادي يقول نعش بن تيمية مهاب وتطوف به الملائكة


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يروج الصوفية أبيات لابن عبد الهادي الحنبلي يقول فيها أن نعش ابن تيمية مهاب وتطوف بنعشه الملائكة :
وهذه هي الأبيات :
(( خشعت لهيبه نعشك الأبصار ** لما عليه تبدت الأنوار
    وبه الملائكة الكرام تطوفت ** زمرا وحفت حوله الأبرار  ))
المرجع : العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ،لمحمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي 1/ 434
فما هو ردّ فضيلتكم ؟
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , وبعد ؛ فالجواب أن هذا البيت ليس لابن عبدالهادي , فإن ابن عبدالهادي قال : (من قصائد الشيخ مجير الدين أحمد بن الحسن بن محمد الخياط الجوخي الدمشقي مرثية في الشيخ رحمه الله تعالى :
خشعت لهيبة نعشك الأبصار ... لما عليه تبـدت الأنـوار
وبه الملائكة الكرام تطوَّفت ... زمراً وحفت حوله الأبرار
العقود الدرية ص 434 .
وحال هذين البيتين كحال الأبيات التي سبق الكلام عنها فكلها ينقلها الشيخ رحمه الله عن غيره , وليست من نظمه . وليس في البيتين ما ينكر لكن كون الأبرار من الإنس يحفُّون ويتبعون جنازة إمام من أئمة المسلمين ويشهدون له بالخير فهي علامة خير , وهم شهداء الله في الأرض كما صح به الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم , فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه- قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عليها خَيْرًا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وَجَبَتْ ) , ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عليها شَرًّا, فقال : (وَجَبَتْ) , فقال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ : ما وَجَبَتْ ؟ قال: ( هذا أَثْنَيْتُمْ عليه خَيْرًا فَوَجَبَتْ له الْجَنَّةُ, وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عليه شَرًّا فَوَجَبَتْ له النَّارُ؛ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأرض ) متفق عليه . لذلك قال الإمام أحمد : ( قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم يوم الجنائز) رواه شيخ الإسلام الصابوني , وقد كانت جنازة الإمام أحمد عظيمة مشهودة بخلاف خصومه , وكذا كانت جنازة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما هو معروف في كتب التاريخ يقول الحافظ ابن كثير في تاريخه : (ثم شرعوا في غسل الشيخ وخرجت إلى مسجد هناك , ولم يدَعوا عنده إلا من ساعد في غسله , منهم شخينا الحافظ المزي وجماعة من كبار الصالحين الأخيار أهل العلم والإيمان , فما فرغ منه حتى امتلأت القلعة وضج الناس بالبكاء والثناء والدعاء والترحم , ثم ساروا به إلى الجامع .. ودخلوا بالجنازة إلى الجامع الأموي والخلائق فيه بين يدي الجنازة وخلفها وعن يمينها وشمالها مالا يحصى عدتهم إلا الله تعالى, فصرخ صارخ وصاح صائح : هكذا تكون جنائز أئمة السنة , فتباكى الناس وضجوا عند سماع هذا الصارخ , ووضع الشيخ في موضع الجنائز مما يلي المقصورة , وجلس الناس من كثرتهم وزحمتهم على غير صفوف بل مرصوصين رصًّا لا يتمكن أحد من السجود إلا بكلفة .. وجاء الناس من كل مكان .. وكثر الناس كثرة لا تحد ولا توصف , فلما فرغ من أذان الظهر أقيمت الصلاة عقبه على السدة خلاف العادة , فلما فرغوا من الصلاة خرج نائب الخطيب لغيبة الخطيب بمصر فصلى عليه إماماً وهو الشيخ علاء الدين الخراط ثم خرج الناس من كل مكان من أبواب الجامع والبلد كما ذكرنا , واجتمعوا بسوق الخيل ومن الناس من تعجل بعد أن صلى في الجامع إلى مقابر الصوفية , والناس في بكاء وتهليل في مخافته كل واحد بنفسه , وفي ثناء وتأسف , والنساء فوق الأسطحة من هناك إلى المقبرة يبكين ويدعين ويقلن : هذا العالم , وبالجملة كان يوماً مشهوداً لم يعهد مثله بدمشق إلا أن يكون في زمن بني أمية .. ثم دفن عند أخيه قريبا من أذان العصر على التحديد , ولا يمكن أحد حصر من حضر الجنازة .. وتردد شيخنا الإمام العلامة برهان الدين الفزاري إلى قبره في الأيام الثلاثة , وكذلك جماعة من علماء الشافعية , وكان برهان الدين الفزاري يأتي راكباً على حماره وعليه الجلالة والوقار حمه الله ) . والملائكة تحضر حلق العلم ودعاء المسلم وجنازته وكل مواطن الخير والحمد لله , وهو يصف جنازة الشيخ وما رأى فيها من خشوع ورفع للإيمان وحضور أهل الخير والصلاح وكله من علامات الخير وعلامات حضور ملائكة الرحمة والحمد لله , وأما قوله : (تطوَّفت) فليس المراد به الطواف المعروف , ولكن بمعنى أنها معه ومِن حوله وليس هذا بغريب , بل هو المظنون بالشيخ كما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً , والله أعلم

المصدر