الخميس، 11 سبتمبر 2014

ابن تيمية يقول عن علي انه لا يصح اسلامه

الشبهة:
"ابن تيمية يقول عن علي انه لا يصح إسلامه"
يقول الأحباش أن ابن تيمية يبغض الإمام علي رضي الله عنه و يقول بأنه لا يصح إسلامه و يستدل هؤلاء بوثائق من كتاب منهاج السّنة لشيخ الإسلام لكن من لا يقرأ النّص كاملا و لا يتمعن في معناه يقع في الخطأ ولا ندري حقّا أكان هذا خطأ و قع فيه الأحباش أم هي اتهاهات متعمّدة؟ ان كان كذلك فحسبنا الله و نعمى الوكيل. 


دحض هذا الافتراء:
نقول : إن كنتم ترون أنّ في هذا النقل عن كتاب " منهاج السنة " عبارات توحي بانحراف الشيخ عن علي  رضي الله عنه  أو توهم تنقصه له ، فأنتم قوم لم تفقهوا مقاصد الشيخ من عباراته لأنكم تنظرون بعين السخط وعين العداوة في الدين ومثل هذه الأعين لا يفلح صاحبها
النقطة الأولى : أسوق إليكم النصّ كاملا:
قول ابن تيمية : « الناس متنازعون في أول من أسلم :
فقيل: أبو بكر أول من أسلم، فهو أسبق إسلاماً من على. 
وقيل : إن علياً أسلم قبله.
لكن علي كان صغيراً وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع فيكون هو أكمل سبقاً بالاتفاق" منهاج السنة (7/155)
و هذا تعليقكم :"فهذا يبين كرهه لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال فيه" هذه خلاصتكم؟؟"
أهكذا تكون القراءة الموضوعية أيها الأحباش؟؟
ذكر المالكي أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : (إن إسلام علي بن أبي طالب مشكوك فيه لصغر سنه). 

والذي يقرأ هذا الكلام، يظن أن ابن تيمية يجعل إسلام علي محل شكٍ، وأن علياً يحتمل أن يكون مسلماً، ويحتمل أن يكون كافراً عند ابن تيمية. 

فهل قال ابن تيمية ذلك ؟ 

ومن أين جاء (المالكي) بهذا الكلام ؟ 

كان ابن المطهر الرافضي ـ كسائر أهل مذهبه ـ يقدم علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر، ويستدل على ذلك بأن أبا بكر وعمر أسلما كبيرين، وأنهما كانا قبل ذلك كافرين، بينما علي أسلم صغيراً، فيكون إسلامه أصح من إسلامهما.

فلما أراد ابن تيمية أن يرد على هذا الرافضي، عارضه بأن إسلام الصغير ليس بالضرورة أن يكون أصح من إسلام الكبير، بدليل أن المسلمين متفقون على اعتبار إسلام الكبير والحكم به، ويختلفون في اعتبار إسلام الصغير الذي لم يبلغ.

ولتوضيح المسألة نقول : 

من المتفق عليه بين العلماء أن أولاد الكفار يأخذون (في الأحكام الدنيوية) حكم آبائهم.
فدية ولد الكافر، مثل دية أبيه.
ولو مات ولد الكافر، فإنه لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
وحكم ذبيحة ولد الكافر، مثل حكم ذبيحة أبيه.

ومثل ذلك سائر الأحكام التي يختص بها الكفار دون المسلمين، فإن أولادهم يكون تبعاً لهم فيها.

فإذا أسلم الصغير قبل بلوغه، وبقي أبواه على الكفر، فهل يكون حكمه حكم المسلمين، أو يبقى تبعاً لوالديه (في الأحكام الدنيوية) لحين بلوغه ؟

مذهب الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أن الصغير إذا أسلم، فإنه يعامل معاملة أبيه حتى يبلغ ويثبت على إسلامه، (
وهذا مذهب الشافعي، وليس ابن تيمية).

وقول الشافعي هذا يتعلق بطريقة المعاملة (في الأحكام الدنيوية فقط).
و لا خلاف بين المسلمين في أن الصغير المميز إذا دخل في الإسلام، فإن إسلامه صحيح ومقبول عند الله، وإن اختلفوا في طريقة معاملته في الأحكام الدنيوية.

فقول الشافعي ـ رحمه الله ـ لا يعني أن الصغير مشكوك في إسلامه، أو أن إسلامه غير مقبول عند الله، بل هذه مسألة لا خلاف فيها بين المسلمين، لكن خلافهم في إجراء الأحكام الدنيوية فقط.

فهذا الصغير الذي أسلم وأبواه باقيان على الشرك والكفر :

لو قُتل خطأً وهو صغير، فهل تكون ديته دية مسلم أو كافر ؟
ولو مات قبل بلوغه، فهل يصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين أو لا ؟
ولو كفر بعد بلوغه، فهل يعامل معاملة المرتد، أو يكون كافراً أصلياً ؟

هذه مسائل فقهية يختلف فيها جمهور العلماء مع الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ.

فاستدل ابن تيمية بهذا الخلاف على أن إسلام الكبير أقوى وأصح من إسلام الصغير عند أهل العلم، وبالتالي فإن بداية إسلام أبي بكر وعمر تكون أكمل من بداية إسلام علي بن أبي طالب.

فجاء المالكي، ليجتزئ الكلام، ويعلن أن ابن تيمية يشكك في إسلام علي بن أبي طالب.

وهكذا تكون القراءة الموضوعية !!!
وهكذا يكون التجرد من العصبية والهوى !!!

وها هو نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أسوقه للإخوة القراء المتجردين لطلب الحق :

قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في رده على ابن المطهر، لما قرر أن علياً أكمل وأسبق إسلاماً من أبي بكر وعمر :

"الناس متنازعون في أول من أسلم :
فقيل: أبو بكر أول من أسلم، فهو أسبق إسلاماً من على. 
وقيل : إن علياً أسلم قبله.
لكن علي كان صغيراً وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع فيكون هو أكمل سبقاً بالاتفاق" منهاج السنة (7/155).

وقال ـ رحمه الله ـ :

"الصبي المولود بين أبوين كافرين يجرى عليه حكم الكفر في الدنيا باتفاق المسلمين.

وإذا أسلم قبل البلوغ : فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ ؟ 
على قولين للعلماء، بخلاف البالغ، فإنه يصير مسلماً باتفاق المسلمين.

فكان إسلام الثلاثة مخرجاً لهم من الكفر باتفاق المسلمين، وأما إسلام علي، فهل يكون مخرجاً له من الكفر ؟ على قولين مشهورين. ومذهب الشافعي أن إسلام الصغير غير مخرج له من الكفر".
(منهاج السنة 8/285 ـ 286) .

هذا هو نص كلام الشيخ ـ رحمه الله ـ .


فهو لم يقرر شيئاً، وإنما حكى خلافاً معروفاً بين أهل العلم. 
وهذا الخلاف يجري على علي ـ رضي الله عنه ـ، وعلى كل من أسلم صغيراً.
ثم هو خلاف يتعلق بالأحكام الدنيوية فقط، فليس فيه تشكيك في صحة إسلام علي ؟

والكلام كله يتعلق بالموازنة بين بداية إسلام أبي بكر، و بداية إسلام علي، أيهما أفضل وأكمل. 
وأما بعد بلوغ علي، فلا يمكن أن يحكي الشيخ خلافاً بين أهل السنة في اعتبار إسلامه والحكم به، فضلاً عن أن يشكك فيه كما يزعمه (المالكي). 

بل الشيخ ـ رحمه الله ـ يقرر أن إسلام علي ثابت بالتواتر.
ويقرر أنه أفضل الأمة بعد نبيها ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه الثلاثة.
ويصرح بتخطئة معاوية ومن معه من أهل الشام، ويسميهم الفئة الباغية.
ويقرر أنه أولى بالحق ممن قاتله. 

لكن المالكي ترك هذا كله، والتقط كلمة صحيحة قالها الشيخ في مقام الرد، فانتزعها من سياقها، وجاء بها في سياق منفر، وأعلن أن ابن تيمية يقرر (أن إسلام علي مشكوك فيه)، ليوهم القراء صحة ما يدعيه من وقوع ابن تيمية في النصب، وانحرافه عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ .

وهذا ما يدعو للتأكيد على ضرورة مراجعة نقول (المالكي) والتدقيق فيها، فإن الخصومة و الهوى كثيراً ما تذهب بالصدق والأمانة في النقل